أخبارتقاريرسلايد

حارة الدمج.. معقل المقاومة وحصنها في قلب المخيم

جنين – خدمة حرية نيوز

لساعات طويلة منذ أمس الثلاثاء حتى ما بعد عصر اليوم شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة شرسة على مدينة جنين ومخيمها، كان عنوانها الأبرز والأكثر تداول هو حارة الدمج، التي تعد قلب مخيم وحصنها.

عبر سنوات طوال كانت حارة الدمج هي مأوى المقاومين والمطاردين المطارِدين لهذا المحتل، ومن أوجعوا الاحتلال، وشهدت اليوم مواجهات عنيفة وتصديا كبيرا لقوات الاحتلال المقتحمة.

بين مشهدين

وتعرّض مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين لاجتياح إسرائيلي بهدف القضاء على البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية، بدءًا بمشهد عملية “السور الواقي” عام 2002 واجتياح المخيم لـ 11 يومًا، وتدمير كبير للمخيم وارتقاء عشرات الشهداء.

وتكرر المشهد مرة أخرى عام 2023 في عملية أطلق عليها الاحتلال “البيت والحديقة”، والهدف واحد: مخيم جنين والوصول للمقاومين المتحصنين في قلب المخيم.

وفي عمليته الأخيرة، لم يستطع الاحتلال الدخول إلى عمق المخيم، وتركزت عمليته الأخيرة، والتي استمرت لـ 40 ساعة على الأرض، على أطراف المخيم من جميع الجهات، على خلاف عملية السور الواقي، فكانت حارة الدمج درعا حاميا للمخيم من هجمة الاحتلال صدت الاحتلال من الدخول لقلب المخيم.

ودارت معارك ثقيلة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال فيها، هذه الحارة الشاهدة على هزيمة الاحتلال تسمّى بين أهالي المخيم بـ”حصن المقاومة”، لتجعلها هدفا مركزا لقوات الاحتلال في الاقتحامات المتتالية الأخيرة.

وتعود تسمية حارة الدمج إلى عائلة الدمج الموجودة في المخيم، وفيها مسجد الأنصار، ويعتبرها الأهالي قلب المخيم، وقد سطّرت في الاجتياحَين والعمليات العسكرية المختلفة على مخيم جنين بطولة الصمود، ومعاني مختلفة من الاشتباك مع قوات الاحتلال.

حصن القادة

كانت الحارة ساحة لمعركة الشهيد محمود طوالبة ومجموعته من سرايا القدس في عام 2002، حينما خاضوا عدة اشتباكات عنيفة مع جنود الاحتلال استمرت عدة ساعات، وبنصب العديد من الكمائن بكل بسالة وشجاعة، وتمكنوا من قتل جنديَّين صهيونيَّين، وتمَّ سحب جثتَيهما بأحد الأسلاك الطويلة ومصادرة أسلحتهما.

وفي عام 2014، نشطت خلية لكتائب القسام في المخيم قادها الشهيد حمزة جمال أبو الهيجا، بدأ الاحتلال عملية عسكرية سريعة لاغتيال أبو الهيجا، شاركت فيها قوة كبيرة مكونة من عشرات الجيبات العسكرية وناقلات الجند وجرافة عسكرية، بدعم من سلاح الطيران الحربي الإسرائيلي.

تحصّن أبو الهيجا في منزل في حارة الدمج ، وحاصرته قوات الاحتلال فيه، واستخدمت قذائف الأنيرجا واشتبك معها وأوقع إصابات في صفوفها، وأكّد شهود رؤية جثة أحد الجنود ملقاة على الأرض.

وخلال العملية، هدمت قوات الاحتلال جزءًا من المنزل الذي تحصّن فيه الشهيد أبو الهيجا، بينما تعمّدت قتل الشهيدَين محمود أبو زينة ويزن محمود جبارين، خلال محاولتهما فكّ الحصار عن المنزل الذي تواجد به الشهيد وإخراج جثمانه.

تجاوز الاحتلال حارة الدمج يعني سيطرته على قلب المخيم وإحكام القبضة على المقاومين، ولذلك في الاجتياح الجديد حاول الاحتلال الوصول إلى هذه الحارة بشكل مستميت، لكن المقاومين يزرعون العبوات الناسفة في الطرق لعرقلة الآليات والاحتلال لعدم الوصول إلى هذه الحارة بالتحديد.

مسجد الأنصار والكمين

ومن قلب حارة الدمج؛ تصدّر مسجد الأنصار في حارة الدمج عناوين الأخبار، حين اندلعت اشتباكات عنيفة، ونادى الاحتلال بالسمّاعات يطالب المقاومين في المسجد بتسليم أنفسهم، قبل أن يذوق الاحتلال موتًا محتمًا في كمين أعدّته له فصائل المقاومة داخل المخيم.

وكان كمين مسجد الأنصار، أحد أبرز الكمائن التي نصبتها المقاومة الفلسطينية في المخيم لقوات الاحتلال الإسرائيلي، نظرًا لتواجده في قلب حارة الدمج.

واستخدمت المقاومة الفلسطينية قوة نارية كبرى للغاية في محيط هذا الكمين، من خلال تفجير العبوات الناسفة المصنّعة في الأرتال العسكرية والجنود واستخدام أقصى درجة من الكثافة النارية.

وخلال هذا الكمين المحكم؛ أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى تمكُّنها من إيقاع جنود الاحتلال من وحدة إيعوز في كمين محكم واستهدافهم بشكل مباشر.

وجاء هذا الكمين في اليوم الثاني من العملية العسكرية التي دامت 40 ساعة، والتي انتهت في نهاية المطاف باعتراف إسرائيلي صريح بمقتل جندي من هذه الوحدة خلال اشتباك مع المقاومين الفلسطينيين.

ورغم هدم حارة الدمج خلال اجتياح 2002، وإعادة بنائها مرة أخرى، إلا أنها ما زالت حصن المقاومة في مخيم جنين، نظرًا إلى ضيق أزقتها -على عكس المناطق الأخرى في المخيم- التي تحمي المقاومين من قدرة الاحتلال على التوغُّل الواسع فيها، ما يجعلها نقطة استهداف للاحتلال في كل اجتياح.

واليوم كما قبل عدة أشهر وقبل أكثر من 20 عاما، ما زالت حارة الدمج ومخيم جنين صامدا في وجه الاحتلال، رغم الحملات العسكرية الضخمة التي شنتها قوات الاحتلال إلا أنه بقي وسيبقى المخيم صامدا حتى النصر وسينكسر هذا المحتل ويتقهقر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى