تقاريرسلايد

الذكرى الـ23 لعملية الاستشهادي القسامي أحمد عليان في مدينة نتانيا

أسفرت عن 80 قتيلا وجريحا

طولكرم- خدمة حرية نيوز

توافق اليوم الذكرى السنوية الثالثة والعشرين لعملية الاستشهادي القسامي أحمد عمر عليان في مدينة نتانيا المحتلة، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 80 إسرائيليا، بعد تفجير نفسه قرب حافلة إسرائيلية، بتاريخ 04 آذار/ مارس لعام 2001.

 

ولد الشهيد القسامي أحمد على التلال الشرقية لمدينة طولكرم، وتحديداً في مخيم نور شمس، عام 1970، وعُرف بطيب الخلق وحسن المعاملة والبساطة حتى أحبه كل من تعامل معه.

 

تلقى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نور شمس، ثم انتقل إلى مدارس مدينة “طولكرم” ليلتحق بالتعليم الثانوي فيها، فدرس في المدرسة الفاضلية الثانوية التي خرّجت عشرات الشهداء والأسرى.

 

ملأ القرآن الكريم على أحمد حياته، فكانت جميع ساعاته يقضيها مع التلاوة، يرتل ويجود ويقرأ بالأحكام، وقد حباه الله صوتا جميلاً كساه علماً شرعياً حين حاز على شهادة تلاوة القرآن الكريم وتجويده، وحل في المرتبة الأولى على المتقدمين للامتحان على مستوى الضفة الغربية في الجانبين النظري والعملي.

 

حافظ للقرآن

أدرك شهيدنا قيمة تعلم القرآن الكريم؛ فعمل بما تعلم، وصار نِعم الشاب الذي يحفظ كتاب الله عز وجل في صدره، ويمارس ما حفظ سلوكاً واضحاً في سره وعلنه وبين أقرانه.

 

أمضى فارسنا شبابه في طاعة الله عز وجل؛ فقد أحب ارتياد المساجد منذ نعومة أظفاره، وأتقن قراءة القرآن حتى غدا مُقرئاً جميل الصوت متقن الأداء، ما دفع إحدى شركات الإنتاج الفني في مدينة طولكرم لتسجيل صوته وهو يقرأ القرآن على أشرطة “الكاسيت” كونه مقلداً للشيخ “عبد الباسط عبد الصمد”، القارئ المصري المعروف.

 

كان لموهبة الصوت الجميل التي تميز بها شهيدنا الأثر الكبير في اختياره من فرقة “الأنصار الفنية”، وهي فرقة إنشاد ملتزم محلية، ليصبح عضواً مهماً في الإنشاد الديني في مدينة طولكرم، وما لبث أن أنشد لأول مرة حتى أصبح صوته مطلوبا لجمهور الفن الملتزم في أي حفلة أو مناسبة فنية.

 

عمل الشهيد أحمد مؤذناً في مسجد مخيم نور شمس، ويصف أحد جيران المسجد صوته بالأذان، قائلا: “كلما سمعت صوته سالت من عيني عبرات الدمع، وأنعشت الذاكرة بأيام الوطن في حيفا”.

 

على موعد مع الشهداء

مع اندلاع انتفاضة الأقصى أوغل العدو في جرائمه بحق الفلسطينيين، فارتقى الشهداء وسالت الدماء وأعلنت “كتائب الشهيد عز الدين القسام” عن الرد على جرائم المحتل المتكررة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل بسلسلة من عشر عمليات استشهادية.

 

لم يكن أحد ليتوقع في حينه أن ذاك الشاب القارئ لكتاب الله، المنادي بالآذان للصلاة خمس مرات في اليوم والليلة هو المبشر الأول في سلسلة الرد القسامي.

 

في صبيحة الرابع من آذار لعام 2001 ميلادية، استيقظ شهيدنا ليؤذن الفجر موقظاً المؤمنين إلى الصلاة، وكان أذانه في ذاك الصباح مختلفاً عن كل أذان من قبل، فالصوت الحزين الذي تميز به تحول إلى صوت الغضب والثورة وكأنه يقرع طبول الحرب.

 

ثم عاد إلى المنزل بعد صلاته في المسجد، وقبّل يد والديه ثم قال لوالدته “ارضي عني يا أمي”.. فانهالت بالبكاء، وكأنها تعلم من نبرات صوته الممزوجة بالحنين إلى الفردوس الأعلى أنها لن تراه بعد هذا اليوم، ثم ابتسم شهيدنا، وغادر البيت بصمت.

 

وفي أثناء سيره إلى الهدف الذي يريد، انتابت شهيدنا سِنة من النوم لم تستمر لأكثر من خمس دقائق رأى فيها الشهداء “يحيي عياش، وعماد عقل، ومحيي الدين الشريف” وهم ينادونه ويقولون له “تعال يا أحمد فهنا يطيب المقام”.

 

وقبل أن يحمل حزامه الناسف على خصره النحيل، أخبر شهيدنا عن ما رأى في منامه لإخوانه المجاهدين، فقالوا له “عليك بالاستعجال للحاق بعياش الذي أحببت”، فلبس الحزام وأسرع إلى الهدف لينال مراده ومناه.

 

وفي لحظة من ساعات العز الفلسطينية، وفي مكان أحبّ أحمد أن يكون صاحب السبق الأول في عهدةٍ تمتد إلى عشرة رجال؛ فجر المجاهد البطل حزامه الناسف ليردي الأعداء بين قتلى وجرحى، ثم يأتي الخبر العاجل على شاشات التلفاز؛ استشهادي يفجر نفسه في مدينة “نتانيا”.

 

وصية الشهيد

أسفرت العملية البطولية التي نفذها شهيدنا أحمد عليان عن مقتل سبعة محتلين وجرح ما يزيد عن السبعين، معلناً بداية الرد المزلزل الذي وعدت به كتائب القسام.

 

ولم يهمل الشهيد دنياه؛ فأوصى بها لآخرته، مقسما ما ملك بين أهله وذويه، وبين مئذنة طالما أحب أن ينادي من فوقها بنداء التوحيد “الله أكبر”، فكانت وصيته التي خلفها من ورائه تشمل المادية ولا تهمل المعنوية.

 

وأول ما أوصى به شهيدنا أن يدعو له والداه بالقبول عند الله تعالى ودخول الجنة التي وعد بها أحمد كلما ردد آي القرآن، وأن يلقى الأحبة محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه الغر المحجلين، وأن تكثر أمه الصابرة من الدعاء له، والرضا عليه.

 

أما المال القليل الذي تركه فأبقي ثلثيه للورثة، مقسماً بين من يستحق حسب شريعة الله عز وجل، ولم يهمل العلم حين أوصى لأخته ببعض ماله من أجل تعليمها، وكذلك أحب الستر والعفاف ولبس الحجاب الشرعي لما فيه من مرضاة الله، فكان جزءاً من وصيته شراء “جلابيب” لأخواته كهدية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى