أخبارتقاريرسلايد

اغتيال المقاومين وضرب الحاضنة الشعبية وخنقها.. محاولات الاحتلال لتحييد الضفة عن ساحة المواجهة

الضفة الغربية – خدمة حرية نيوز

يعمل الاحتلال بكل طاقاته الأمنية والاستخبارية والعسكرية لإنهاء ظاهرة المقاومة بالضفة الغربية المحتلة، ولعل أبرز هذه المظاهر بأن صعَّد مؤخرا من سياسة اغتيال المقاومين من ناحية، ومن ناحية أخرى عمل على تشديد الخناق على الحاضنة الشعبية بالعمليات العسكرية الواسعة التي يرافقها تدمير البنى التحتية.

عملية اغتيال أربعة مقاومين في نابلس الأربعاء جاءت لتؤكد أن الاحتلال يستمر في انتقامه من المقاومين فرادى وجماعات، وبطرقه المختلفة جوا وبرا، مسابقا الزمن في محاولته “إنهاء” ظاهرة المقاومة بالضفة، وجزء من محاولات الاحتلال تحييد الضفة.

منهجية أمنية واستيطانية

يرى الباحث والمختص بالشأن الإسرائيلي سليمان بشارات، أن الاحتلال اعتمد في التعامل مع الضفة ما بعد السابع من أكتوبر، على المنهج الأمني القائم على منع تحول الضفة إلى ساحة مواجهة شعبية يمكن أن تشكل حالة استنزاف للاحتلال، أو انطلاق لمواجهة شعبية لا تستطيع أن تضبطها.

وحسب بشارات فقد كثّف الاحتلال سياسة الاعتقالات ونشر الحواجز وتقطيع أواصل المدن الفلسطينية، ومن ثم بدء تنفيذ سياسة تفكيك المقدرات المرتبطة بالمجموعة المسلحة في مخيمات ومدن شمال الضفة؛ حتى لا تتحول إلى نموذج يمكن أن يتطور من حيث الأداء أو السلوك أو نموذج إلهامي لباقي المحافظات.

إلى جانب المنهج الأمني، انتهج الاحتلال المنهج الاستيطاني في تسريع تطبيق الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الضفة، مستفيدا من ذلك أولا بتوفر غطاء شرعي دولي للاحتلال باعتباره يواجه حربا مصيرية وبالتالي يمكن أن يمارس أي من السياسات التي تعجّل بإقامة الدولية اليهودية، إضافة لتسريع تطبيق رؤية الصهيونية الدينية المتمثلة في تعزيز الاستيطان والتي تعتبر تمهيدا لتطبيق خطة حسم الصراع.

ولفت بشارت إلى أن ذلك دفع بالاحتلال لإصدار سلسلة من القرارات التي تسرّع من تطبيق هذه المنهجية من خلال مصادرة عشرات آلاف الدونمات، وقرارات تحويل الأراضي المصنفة (ب) إلى أراضي تابعة للإدارة المدينة للاحتلال، والمصادقة على عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة.

وأضاف أن هذه المنهجيات الإسرائيلية نجحت إلى حد بعيد، واستطاع الاحتلال أن يحيّد الضفة نوعا ما، خصوصا في ظل العمليات العسكرية الموسعة التي نفذها وتدمير البنية التحتية وعمليات الاغتيال المكثفة بعد استخدامه الطائرات المسيرة والطائرات العسكرية في ذلك.

إلا أن بشارات يرى في الوقت ذاته أن الاحتلال لم يستطع أن ينهي حضور الضفة في المواجهة، فرغم كل السياسات السابقة ظهرت قفزات ورغم أنها ما زالت لا تعبر عن بينة مؤسسية متكاملة، إلا أنها أقلقت الاحتلال خصوصا في أن ظاهرة المقاومة لم يستطع القضاء عليها.

ولفت لتطور الأداء خصوصا في استخدام المتفجرات لمواجهة الآليات الإسرائيلية المتوغلة بالضفة، مشيرًا إلى أن الأمر الأكثر تحديا كان هو التمكن من تنفيذ عملية استشهادية داخل تل أبيب وتفجير سيارات مفخخة بالقرب من مستوطنات الخليل، وهذا ما جعل الحسابات الإسرائيلية تبقى في حالة إرباك وغير قادرة على الحسم بأي اتجاه من هذه الاتجاهات.

فشل إسرائيلي

الباحث بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع يشير إلى أن هذه الاغتيالات تعكس فشلا إسرائيليا في تحييد الضفة الغربية وجعلها ساحة مواجهة ثانوية كما أراد منذ بداية الحرب، لكنها لا تزال ساحة مواجهة وقتال رئيسية.

ويبيّن منّاع أن إسرائيل ومنذ عام 2021 تعمل بالضفة عبر سياسة الاغتيال بهدف الحد من المقاومة ووأد المجموعات المسلحة، ولكنها فشلت في ذلك، مضيفا: “يقودنا ذلك للتأكيد أنها فشلت في الفصل بين الساحات؛ رغم أن هذا الترابط غير منظم أصلا بين تلك الساحات”.

وفي تبيانه لهذا الفشل، يوضح أن الاغتيال بنابلس سبقته عملية فدائية نفذها فلسطيني في مدينة الخضيرة وطعن عددا من المستوطنين، بعضهم إصابته حرجة، إضافة لاشتعال بؤر المواجهة بكل مدن الضفة.

وقال الباحث مناع إن ما تمارسه إسرائيل من “عنف” في الاغتيال ليس إلا محاولة للانتقام وإظهار صورة للنصر يبحث عنها الاحتلال لإقناع الشارع والمجتمع الإسرائيلي بأنه “قادر ويفعل ويخاطر من أجل الأمن المفقود”.

وأضاف أن “الإسرائيلي اليوم يشعر بفقدان الأمن على المستوى الشخصي، ولذا يحاول ترميم الصورة عبر عمليات الاغتيال سواء بالقصف أو الوحدات الخاصة”.

ويرى أنه ورغم ذلك، فإن إسرائيل وعبر تجربتها الطويلة مع الفلسطينيين تدرك أن العنف يؤدي إلى نتائج عكسية، وبهذا تدفع جيلا جديدا من الشباب الفلسطيني للدخول في مواجهته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى