
فلسطين المحتلة– خدمة حرية نيوز:
توافق اليوم الذكرى السنوية الـ21 لاغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الشيخ أحمد ياسين في مدينة غزة، والتي كانت محطةً استوقفت كل أحرار العالم، ونبَّهت الأمتين العربية والإسلامية للخطر الحقيقي الذي يمثِّله الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين.
وتمتع الشيخ ياسين بمنزلة روحية وسياسية متميزة في صفوف المقاومة، ما جعل منه واحدًا من أهم رموز العمل الوطني طوال القرن الماضي، كما يعد من أكثر القادة الذين نالوا احترام وولاء معظم الفلسطينيين ومعظم القادة والزعماء في العالم.
النشأة
ولد الشيخ أحمد ياسين عام 1938م في قرية الجورة قضاء المجدل المحتلة، ولجأ مع أسرته إلى قطاع غزة بعد حرب 1948م التي شنتها العصابات الصهيونية وطردت الفلسطينيين من أرضهم، وتعرَّض في شبابه لحادثٍ أثناء ممارسته الرياضة، نتج عنه شلل جميع أطرافه شللًا تامًّا.
عمل الشهيد ياسين مدرسًا للغة العربية والتربية الإسلامية، ثم خطيبًا ومدرسًا في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيبٍ عرفه قطاع غزة؛ لقوة حجته وجسارته في الحق، كما اختير رئيسًا لـ”المجمع الإسلامي” في غزة، وكان له نشاط متميز في الدعوة إلى الله.
اعتقل عام 1983م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيمٍ عسكريٍّ، والتحريض على إزالة الكيان الإسرائيلي من الوجود، وعرض أمام محكمةٍ عسكريةٍ إسرائيلية أصدرت عليه حكمًا بالسجن لمدة 13 عامًا.
إلا أنه أُفرج عنه عام 1985م في إطار عملية تبادلٍ للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، بعد أن أمضى 11 شهرًا في السجن.
التأسيس
أسَّس الشيخ الإمام مع مجموعةٍ من النشطاء الإسلاميين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في غزة عام 1987م، وتعرَّض للتهديد بالإبعاد؛ وداهمت قوات الاحتلال منزله أواخر شهر آب (أغسطس) 1988م، وقامت بتفتيشه وهدَّدته بنفيه إلى مرج الزهور.
وبعد شهور، وتحديدًا في ليلة 18/5/1989م اعتقلته سلطات الاحتلال مع المئات من أبناء حركة حماس، في محاولةٍ لوقف المقاومة المسلَّحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على جنود الاحتلال ومستوطنيه واغتيال العملاء.
وأصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في 16/10/1991م عليه حكمًا بالسجن مدى الحياة مضافًا إليه 15 عامًا بعد أن وجَّهت إليه لائحة اتهام تتضمن 9 بنود؛ منها التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين، وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام والأمني “مجد”.
وظل ياسين في السجون حتى أفرج عنه فجر الأربعاء 1/10/1997م بموجب اتفاقٍ جرى التوصل إليه بين الأردن والكيان الإسرائيلي للإفراج عن الشيخ مقابل تسليم عميلين إسرائيليين اعتقلا في الأردن عقب محاولة فاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.
عمل الشهيد ياسين فور الإفراج عنه على إعادة تنظيم صفوف حماس من جديد عقب تفكيك بنى الحركة من قبل أجهزة أمن السلطة آنذاك، وشهدت علاقته بها فترات مد وجزر، حيث وصلت الأمور أحيانًا إلى فرض الإقامة الجبرية عليه وقطع الاتصالات عنه.
وفي شهر مايو عام 1998 قام الشيخ ياسين بحملة علاقات عامة واسعة لحماس في الخارج، نجح خلالها بجمع مساعدات معنوية ومادية كبيرة للحركة، فأثار “إسرائيل” آنذاك، واتخذت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية سلسلة قرارات تجاه ما وصفته “بحملة التحريض ضد إسرائيل في الخارج”.
تعرّض لمحاولة اغتيال فاشلة في سبتمبر عام 2003، عندما كان بشقة بغزة برفقة مجموعة من قيادات حماس، واستهدف صاروخ أطلقته طائرات حربية إسرائيلية المبنى السكني الذي كان يتواجد فيه ما أدى إلى جرحه هو و15 من الفلسطينيين، إلا أن جروحه لم تكن خطيرة.
لحظات الوداع
لاحظ مرافقو الشيخ طوال نهار يوم الأحد نشاطًا غير عادي لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية فوق حي “الصبرة” الذي يقع في أقصى جنوب المدينة أي على مقربة من مستوطنة “نيتساريم” التي كانت تشهد تحركات عسكرية مريبة.
وقرَّر مرافقوه عدم السماح للشيخ بالمبيت في المنزل الذي يقع في أقصى جنوب الحي، وبعد التشاور معه، تقرر نقله إلى مأوى آخر بعد أداء صلاة العشاء في مسجد “المجمع الإسلامي” الذي يبعد بضع مئات من الأمتار عن البيت.
وبالفعل نقل الشيخ إلى المسجد، وأدى صلاة العشاء، لكن المرافقين وأبنائه فوجئوا بعد ذلك بقراره البقاء في المسجد، ولم تفلح محاولات المرافقين والأبناء معه، وأكدوا أنه نوى هذه الليلة الاعتكاف، وأنه لن يغادره إلا بعد أن يؤدي صلاة الفجر.
ولم يجد المرافقون بدًا سوى الاستجابة لرغبته فيما عاد أبناؤه إلى منزل العائلة، بينما ظل المرافقون يحيطون به، ورغم معاناته الشديدة من ضيق النفس، ظل يتهجد ويسبح طوال الليل.
الارتقاء شهيداً
في 22 مارس/آذار 2004، اغتال الاحتلال الشيخ أحمد ياسين عن عمر 67 عاماً، عندما كان عائداً من أداء صلاة الفجر، بعد أن أطلقت طائرات الاحتلال عدة صواريخ صوب الشيخ ومن حوله من مرافقين ومواطنين.