
الضفة الغربية – خدمة حرية نيوز
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مخيمات الضفة الغربية المحتلة، وخصوصا مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، في عمليات عسكرية خلفت عشرات الشهداء ومئات المعتقلين، إلى جانب مئات المنازل المهدمة كليا وجزئيا وتهجير أغلب سكان المخيمات الثلاثة.
وزعمت قوات الاحتلال أن ما تسمى قيادة المنطقة الوسطى تناقش خططًا مشابهة تستهدف جميع المخيمات الـ18 في الضفة الغربية، وهي جاهزة للتنفيذ.
مخططات الاحتلال بخصوص مخيمات الضفة تأتي في ظل صمت مريب من السلطة الفلسطينية، التي يرى الشارع الفلسطيني أنها باتت شريكة في إنهاء المخيمات، وما كانت حملة “حماية وطن” والتي أطلقتها أجهزة أمن السلطة إلا مقدمة لتصفية المخيمات وفي مقدمتها مخيم جنين.
محاولة شيطنة المخيمات
الصحفي والكاتب محمد القيق، لفت في تصريحات صحفية، أن “السلطة الفلسطينية رفعت الغطاء الشرعي والوطني عن المخيمات من خلال حملتها الأمنية على مخيم جنين ومهاجمة بقية المخيمات، وما رافق ذلك من حملة إعلامية محلية ودولية حاولت شيطنة المخيمات، وأنها تحتوي على مليشيات “داعشية وإيرانية وخارجين عن القانون”.
وأشار القيق إلى أن المصطلحات التي استخدمتها السلطة ضد مخيم جنين ومخيمات الضفة وضد المقاومة وتشكيلاتها المختلفة في الضفة المحتل بات يستخدمها جيش الاحتلال الآن في حربه على المخيمات، إلى جانب نشر السلطة أخباراً بشكل مستمر عن انتشار مهندسين متفجرات لتفكيك العبوات المتفجرة في هذه المخيمات”.
ولفت إلى أن ما قامت به السلطة أوصلنا إلى نقطة خطيرة هي شرعنة ما يقوم به الإسرائيلي، اليوم وأمس تم الاستفراد بقطاع غزة، واليوم أيضا هناك استفراد بمخيمات شمال الضفة الغربية شرعنته السلطة بالأمس وسكتت عنه اليوم، لذلك ستكمل إٍسرائيل ما بدأته في بقية مدن وبلدات الضفة الغربية.
واعتبر القيق أن “ما قامت به السلطة في عمليتها التي استمرت 58 يوماً في مخيم جنين وملاحقة المقاومين في بقية المخيمات وقتل بعضهم كما في مخيمات طولكرم، ومنع الصحافيين من التغطية، أوصلنا إلى نقطة أنه لا صدى فلسطينياً للعملية الإسرائيلية الحالية التي تجري في شمال الضفة الغربية في باقي الضفة الغربية”.
وأضاف: “السلطة قررت أن هذه المخيمات غير صالحة لأنها خارجة عن القانون، وهذا خطير جداً، وحتى الآن لا يتم التعاطي مع هذه المخيمات وطنياً من قبل السلطة، حتى إعلامياً أو سياسياً”.
*السلطة مهّدت الطريق للاحتلال*
جمال الزبيدي، أحد الشخصيات الاعتبارية والقيادية في مخيم جنين اعتبر أن حصار السلطة للمخيم حتى بدء عملية الاحتلال في 21 يناير الماضي، بدت وكأنها مهّدت الطريق أمام الاحتلال لتنفيذ عملياته التخريبية والتدميرية، بعد تعاملها مع المخيم وكأنه (بؤرة إيرانية وداعشية)، بحسب رواية الأمن الفلسطيني وبياناته ومؤتمراته الصحافية المتلاحقة”.
وأضاف الزبيدي: “المخيم ليس بؤرة لأحد، من تتم ملاحقتهم هم أبناء المخيم المقاومون والوطنيون الذين يتعرضون للاعتقالات المتكررة من الاحتلال، والذين نعرفهم ونعرف توجههم الفصائلي”.
وأوضح الزبيدي أن السلطة ما تزال مشاركة في العملية العسكرية ضد مخيم جنين بنفس قدر مشاركة الاحتلال، وما زالت حملة الاعتقالات بحق الشبان المقاومين مستمرة، ما يعني أن هناك تنسيقاً مباشراً بين الأجهزة الأمنية والاحتلال الإسرائيلي”.
وفُهَم من سلوك السلطة تجاه مخيم جنين أنها رفعت الغطاء عنه وتركته عرضة للاعتداءات الإسرائيلية، وفقاً للزبيدي، الذي شدّد على ضرورة وقف الهجمة الإسرائيلية بحق المخيم، من خلال وقفة وطنية فصائلية موحدة، لمواجهة مخططات الاحتلال الساعية إلى تهجير مخيمات شمال الضفة الغربية.
وأشار إحصائيات مخيم جنين إلى أن عملية السلطة تسببت بمقتل عشرة مواطنين أحدهم من كتيبة جنين، علاوة على مقتل ستة من عناصر الأمن، وأحرقت السلطة 45 منزلاً وصادرت عشرات السيارات، وقطعت الكهرباء والماء والاتصالات عن المخيم، واعتقلت نحو 400 مواطن، وما زالت تقوم باعتقالات في صفوف أهالي المخيم المهجرين إلى القرى والبلدات المحيطة بالمخيم باستخدام سيارات مدنية.
وواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الواسع في مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ66 على التوالي، وسط عمليات تدمير واسعة تهدف إلى تغيير معالم المخيم وشطب هويته التاريخية، حيث هدمت جرافات الاحتلال ومتفجراته أكثر من 200 منزل في مخيم جنين في إطار العملية العسكرية في شمال الضفة، فيما أعلن مؤخرا عن نيته هدم أكثر من 90 منزلا آخرا، فيما تضررت أكثر من 400 منزل جزئيا وأصبحت غير قابلة للسكن.
والجديد في عمليات الهدم المتواصلة بمخيم جنين ومثلها في مخيمات أخرى، هو أن الجيش يعتزم منع الفلسطينيين من إعادة البناء في المناطق التي تم هدمها، سواء كان ذلك طرقًا أو منازل، بهدف مزعوم الحفاظ على القدرة على المناورة داخل المخيم بسرعة وفعالية.
ما يعلنه الاحتلال أن هذه الإجراءات استثنائية وربما غير مسبوقة، حيث يسعى جيش الاحتلال لإعادة تشكيل المخيم هندسيًا ليصبح مجرد حي آخر داخل المدينة، وهو ما عبّر عنه الاحتلال بشكل صريح خلال اجتماع بين ما تسمى الإدارة المدنية وبين شخصيات من السلطة أمنية ومدنية في الأسابيع الأولى من عدوان الاحتلال على المخيم.
واللافت للنظر؛ أن كل هذه المخططات تجري في اللحظة التي تلاحق فيها السلطة وسائل إعلامية عريقة مثل قناة الجزيرة وتحظر عملها في الضفة المحتلة، ووسط صمت السلطة عن هذه الجريمة التي تهدف في محصلتها لإنهاء قضية اللاجئين والمخيمات في الضفة الغربية.
كما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ59 على التوالي، ولليوم الـ46 على مخيم نور شمس، في ظل تصعيد وتهجير قسري مستمر.