تقاريرسلايد

الجريح المحرر “عطا”.. قلبٌ معلقٌ بالأقصى وإصرار على الرباط فيه

الضفة الغربية-خدمة حرية نيوز:

كل الآلام والأوجاع تهون فداء للمسجد الأقصى المبارك، وكل التضحيات رخيصة من أجل الصلاة في رحابه والرباط في ساحاته، وهينة في سبيل نيل شرف الوصول إلى بواباته للدفاع عنه، ولو ارتفعت كل الجدران.

 

“لو أريد الذهاب إلى الأقصى وكل جسمي مكسر، ولو حبوًا، سأذهب إلى المسجد الأقصى المبارك”، بهذه الكلمات يعبر الجريح الأسير المحرر محمد عطا عن حبه للمسجد الأقصى المبارك.

 

وأصيب المحرر الجريح “عطا من مخيم الجلزون للاجئين شمال رام الله، نهاية رمضان الماضي، بعد سقوطه من أعلى جدار الفصل العنصري أثناء محاولته الوصول إلى المسجد الأقصى ليشهد ليلة القدر فيه.

 

محاولة الوصول

أبى الجريح “عطا” إلا أن يصل الأقصى بعد قرابة شهر من إصابته البليغة في قدميه، قبل أن يغادر المستشفى إلى بيته.

 

ويروي تفاصيل محاولة وصوله للمسجد الأقصى، ويقول: “توجهنا إلى بلدة الرام من أجل الذهاب إلى الأقصى والصلاة فيه ليلة القدر، كانت الأمور معقدة نوعا ما، مئات من الشباب يحاولون الدخول من خلال جدار الفصل العنصري”.

 

ويضيف: “بدأت أبحث عن الفتحات الأسهل التي من خلالها أدخل، للأسف كانت الأمور صعبة، وفي البداية أدركت أنني لن أستطيع الدخول إلى المسجد الأقصى المبارك، وترددت في العودة، ثم عزمت على الذهاب للصلاة في الأقصى”.

 

ويتذكر أنه دخل المسجد الأقصى المبارك عام 2013 عبر الجدار، بصعوبة بالغة، ويقول: “فأقسمت أنني سأدخل، مهما كلف الأمر”.

 

ويتابع: “تسلقت الجدار، تقريبا 9 متر ونصف، فهاجمنا جيش الاحتلال وأنا فوق الجدار، فسقطت من أعلى الجدار على أقدامي، وشعرت أن كل عظامي تكسرت، فصرخت وأخذت أستغفر وأتشاهد”.

 

ولم يترك الاحتلال الجريح “عطا” بآلامه، بل اعتدى عليه بالضرب على كتفه وفي صدره، حتى دخل في شبه غيبوبة، إلى أن أوصلوه شبان من القدس إلى سيارة الإسعاف بصعوبة بالغة.

 

إصابة صعبة

ويوضح عطا أن مرحلة العلاج كانت صعبة جدا، وللوهلة الأولى عندما رأى الأطباء أقدامه وصفوا الإصابة بالخطيرة خصوصًا أن القدم اليسرى لم يكن فيها ضخ للدم، فتوقعوا أن يفقد قدمه.

 

ويؤكد أنه كان يردد في كل وقت: “إذا فقدتها ففي سبيل الله”، ويبين أنه أجرى خمس عميات جراحية في قدميه.

 

ويقول: “كانت عودتي إلى ممزوجة بالفرحة، ممزوجة بالدمعة أنني رجعت، من الشلل ومن الركام الحمد لله رجعت، وكانت ثقتي بالله عز وجل أن الله لن يتركني، لأنه المبتدأ كان لله، والمنتهى لله”.

 

وأضاف: “كانت نيتي عندما خرجت من بيتي لله، ولا يوجد إنسان يعيش في سبيل الله والله يخيبه، فالفرحة كانت الحمد لله رغم الألم، ووجود الأهل والأحبة هون عليّ آلامي”.

 

قلب محب للأقصى

بعد قرابة شهر من العلاج في مستشفى المقاصد في القدس، وقبل أن يغادر إلى بيته في الجلزون، توجه إلى المسجد الأقصى بأقدامه المصابتين، ويؤكد: “أردت الذهاب إلى المسجد حتى لو حبوًا”.

 

ويصف: “دخلته من باب الأسباط، وأول ما رأيت قبة الصخرة بكيت، وأدركت أن كل التعب وتكسير أقدامي يهون في سبيل الله، وكل الوجع الذي رأيته ذهب”.

 

ويتابع: “كل الزوار الذين استقبلوني في المسجد الأقصى، أشعروني أن للأقصى قيمة، وأكدوا أن المسجد الأقصى ليس رقم، بل هو عقيدة راسخة في القلوب، وليس مكان فقط للصلاة، بل هو عقيدة راسخة في قلوبنا، ولا يقدر أي احتلال أو أي قوة على وجه الأرض أن تحرمنا من حب المسجد الأقصى وزيارته”.

 

ولم تغب مشاهد اقتحامات الأقصى وما تسمى “مسيرة الأعلام” عن الجريح “عطا”، ويقول: “رأيت المشاهد صباحا ودموعي تنزل، على استفزازات قطعان المستوطنين، واعتداءات الاحتلال بحق نسائنا وأخواتنا وتدنيس المسجد المبارك”.

 

ويتساءل: “أين كل المسلمين عن حماية ونصرة المسجد، هل فقط الشعب الفلسطيني مخول بحماية المسجد؟، مع أن هذا شرف عظيم الله اصطفانا له، بأن ندافع ونذود عنه، ولكن للأسف المشاهد كانت مزعجة ومؤلمة جدا”.

 

ودعا كل إنسان في الداخل والضفة، وكل إنسان حر في العالم العربي والإسلامي ألا تتكرر هذه المشاهد بحق المسجد الأقصى المبارك ونسائنا وأخواتنا في القدس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى