تقاريرسلايد

“أسيد الريماوي” الفتى الشهيد والشاهد على إجرام الاحتلال في الضفة الغربية

الضفة الغربية – خدمة حرية نيوز
تمر مناطق الضفة الغربية المحتلة بسياسة احتلالية غاشمة، تتمثل في الاقتحامات المفاجئة للأرياف والمدن والمخيمات الفلسطينية في أوقات غير متوقعة، ناصبةً كمائن للمواطنين ناشرةً إشاعات كي تجلب من استطاعت للتصفية الجسدية، مشعرةً المواطن الفلسطيني بعدم الأمن، وأنَّ روحه ليست إلا شيئاً في متناول رصاص القتل، وأنَّ اسمه ليس غير رقم في سجلات الأحوال المدنية.

ويتقدم الشباب الفلسطيني المتحمس للمواجهة قاذفاً الاحتلال بالحجارة مستخدماً كل الوسائل الممكنة لمواجهة جيش يستخدم أعتى آلات الحرب تجاه شعب مدني يبحث عن حريته، وتنشأ المواجهة العسكرية بتبادل إطلاق النار تجاه دوريات الاحتلال ومركباته، وربما يضع الثائرون العبوات الناسفة لتلتهم آلة القتل الإسرائيلية. هي مواجهة غير متكافأة بالعتاد غير أنَّ صاحب الحق الفلسطيني يمتاز بإرادته الصلبة وعقيدته الثابتة التي تتفوق على كل أسلحة الاحتلال.

الفتى شهيداً
بدت الصورة على شاشات الفضائيات حزينة، حين أظهرت الفتى أسيد طارق أنيس الريماوي 17 عاماً من بيت ريما غرب مدينة رام الله المحتلة يهوي على الأرض، بعد أن أطلق الاحتلال الإسرائيلي عيارات نارية بشكل مباشر تجاه الفتى الشهيد لتخترق صدره وتستقر في ذاك المكان من الجسد.

مكثت دوريات الاحتلال بالقرب من جسده الطاهر فترةً من الزمن ربما أردوا أن يتأكدوا أنَّ روحه فاضت إلى السماء، فهم الذين يقتلون الفلسطيني لمجرد هويته، لا يضرهم إن كان صبياً أم فتىً أم شاباً أم شيخاً، وحال وجود الاحتلال بالقرب من الجثمان أن تصل سيارة الاسعاف لمحاولة الانقاذ ما أمكن.

فجر يوم الجمعة في الخامس من يناير/ كانون ثاني من عام 2024 كان الاقتحام لبلدة ريما، ونصب الاحتلال كميناً كي يصطادوا الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، فالمقاومة الباسلة تعرف كيف تواجه ذاك المحتل وتوقع فيه العديد من الإصابات، وبعد الاقتحام بدأ الاحتلال بإطلاق الأعيرة النارية والمطاطية وقنابل الغاز على الشاب الذين تجمعوا في المكان مما أدى إلى استشهاد أسيد الريماوي.
كان أسيد طالباً في المرحلة الثانوية من عمر الدراسة، محباً لزملائه الطلاب في المدرسة، محترماً لمعلميه الذين سيفتقدونه بعد هذا اليوم، رحل أسيد الفتى عن الحياة قد أن يصل مرحلة الشباب، وما زال الاحتلال الإسرائيلي لا يرقب في شعب إلا ولا ذمة، فيقتل بلا سبب، ويمارس كل أنواع العذابات للفلسطينيين.

طوفان الأقصى
باستشهاد الفتى أسيد يرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين أول عام 2023 إلى 326، ويعتبر هذا الارتفاع في أعداد الشهداء طبيعي إذا ما اعتبرنا عدد الاقتحامات اليومية لمناطق الضفة الغربية المحتلة، واستخدام الاحتلال لكل أدوات القتل اليومية.

ومثَّلت معركة طوفان الأقصى تجديداً لهوية النضال الفلسطيني لكل الأجيال التي ولدت حديثاً وشبت على حالة من الاستقرار النسبي في المنطقة فالجيل الذي ولد في العام 2004 لم يعش الثورات الفلسطينية المتعاقبة ولم ير بطولات الثوار على مراحل العقود النضالية الفلسطينية المتعددة.
غير أنَّ وجود الاحتلال فوق الأرض الفلسطينية يبقى مثل المرض المؤلم الذي يذكر صاحبه كل حين بوجوده بعد أن يتسلل إلى الجسد الوخز او الألم أو ارتفاع الحرارة، ولا تنفع كافة المسكنات في إنهاء مشكلة جوهرية في الجسد، فربما يحتاج إلى عمليات وتضحيات ومخاطر كثيرة لكل يعيش حياة آمنة مستقرة.

تلك الحياة التي بحث عنها الشهيد أسيد ومن سبقه أو من سيأتي بعده من الأجيال لا يمكن أن تتحقق إلا بالمقاومة والنضال، ويأتي ذاك الاستشهاد في أيام رحل فيها قادة عظام من الشعب الفلسطيني مرغوا أنف الاحتلال بالوحل على فترات طويلة حتى اختارهم الأجل وانتهى وجودهم على سطح هذه الأرض.

أرض تنبض بالحياة، وشعب لا يعرف الانسجام مع المحتل فقد فشلت اتفاقيات أوسلو الممتدة على مدار 30 عاماً من جعل الفلسطيني حملاً وديعاً يتنازل عن حقوقه الشرعية، وما زال نداء الشهداء من أمثال الشهيد الشيخ صالح العاروري يتردد في أرجاء الضفة الغربية داعياً الجميع لحمل السلاح ومقاومة الاحتلال.

شهيد فتى رحل عن بيت ريما غادر مدرسته بشهادة أعظم من أي شهادة ومنزلة أرقى من أي منزلة، لتعانق روحه أرواح شهداء سابقين، مستبشراً بالشهداء الذين سيلحقون به حتى يأتي التحرير ويزول الاحتلال وتعود فلسطين لأهلها الشرعيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى