الضفة الغربية – خدمة حرية نيوز
يتخطى الاحتلال كل حواجز القهر للإنسان، ثم يسعى مدمراً كل شيء، بآلته القاتلة يدوس البنايات العالية فيدكها دكاً أمام عجز المدنيين أصحاب الوطن الأصليين في مدينة القدس، وإن صرخوا غضباً لما يحدث لبيوتهم، حجزوا خلف قضبان الاحتلال! واتهموا بمعاداة السامية، ووقف العالم كله صفاً واحداً في وجههم يدافع عن دولة أقيمت فوق ترابهم المقدس.
ليس غريباً أن تصدر المحاكم الإسرائيلية أحكاماً بهدم المنازل الفلسطينية في القدس، فالمشروع الصهيوني قائم على أساس تهويد مدينة المسلمين، وكل الأرض المحتلة وأكنافها، والأدهى من ذلك أن يؤمر المواطنون بأن يهدموا بيوتهم بأيديهم، وإلا كُلِفَ المواطن ثمن قيام بلدية الاحتلال بالهدم والتي تصل إلى مبالغ مالية خيالية لا يدركها الضحية، فينصاع تحت قهر الحكم، وقلة الحيلة.
ذرائع هدم البناء
على الرغم من أنَّ حقوق الشعب الفلسطيني هي أصيلة في القدس، وبيوتهم المعمرة لها زمن قديم ربما يفوق ميلاد دولة الاحتلال عام 1948 فقد قام الاحتلال بوضع عدة تصنيفات للهدم في القدس أولها: الهدم العسكري أو التي يُسميها (أهداف عسكرية قانونية) والذي يقوم به جيش الاحتلال بذريعة حماية الجنود والمستوطنات.
والنوع الثاني من الهدم هو: العقابي ويبرر الاحتلال تقويضه للمنازل بتنفيذ الفلسطينيين عمليات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأما النوع الثالث فهو: الإدراي وهو الذي ينفذ بدافع عدم وجود تراخيص قانونية للبناء، ويصدر مثل هذا القرار بمجرد إصدار مهندس بلدية الاحتلال بلاغاً بهذه الحالة. وأما النوع الرابع من الهدم فهو القضائي: وهو الصادر عن المحاكم الإسرائيلية المحلية منها أو المركزية أو العليا بعد الانتهاء من الإجراءات والقرارات الإدارية الصادرة عن بلدية القدس.
وهذه الأنواع من الهدم لا تتوقف على مدينة القدس بل تتعداه إلى كافة مدن الضفة الغربية لا سيما القريبة من المستوطنات، وصولاً إلى المناطق التي تخضع لسيطرة للسلطة الفلسطينية، وما زال الهدم للبيوت ومصادرة المنازل هو الخطر المهدد للوجود الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس.
الهدم والمصادرة في أرقام
تشير الإحصائيات التي نشرتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان لحجم الهجمة الشرسة على الأرض الفلسطينية وسياسة الاحتلال القاضية على إنهاء الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس، وشهد النصف الأول من العام 2023 استيلاء الاحتلال على 44,595 دنماً من مساحة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، إضافةً إلى هدم 313 منشأة فلسطينية و 822 حالة إخطار بالهدم لبيوت السكان في مختلف مدن الضفة الغربية والقدس، ويهدد الاحتلال 47 مدرسة بالهدم الكامل أو الجزئي.
وفي ذات السياق يسلط مركز معلومات فلسطين –مُعطى- الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة، ووثق المركز 56 عملية هدم في مناطق مختلفة من مدينة القدس، إضافةً إلى 127 عملية تدمير ومصادرة ممتلكات ومنشآت مختلفة منذ بداية العام الجاري 2023. ويمارس الاحتلال سياسة الهدم في الضفة الغربية والقدس بهدف تفريغ الأرض من السكان ودعوتهم إلى الهجرة عن الأرض وإحلال المستوطنين مكانهم.
وتؤثر هذه السياسة على عدد المواطنين في الضفة الغربية والقدس الشريف، فالمواطن الذي يفقد بيته في القدس خاصةً قد يتعرض للإبعاد عنها، إضافةً إلى تهجير العديد من المواطنين المقدسيين عن المدينة، وسجَّل مركز معلومات فلسطين 46 حالة إبعاد عن القدس في النصف الأول من العام 2023.
حواجز تقطع أوصال الضفة
تحوّلُ الحواجز الإسرائيلية الثابتة منها أو حتى السواتر الترابية المغلقة للطريق حياة الفلسطينيين إلى صعوبة شديدة، فهي تعييق حركة التنقل بين المدن والقرى إضافةً إلى إمكانية تعرض المسافر عبرها للاعتقال أو القتل، وسجلت هيئة مقاومة الجدار 593 حاجزاً وبوابة إسرائيلية في مدن الضفة وقراها.
تزيد هذه الحواجز من التكلفة الزمنية للمواطن الفلسطيني فبدلاً من الحاجة إلى 20 دقيقية للتنقل من مدينة جنين إلى نابلس فإنَّ البوابات والحواجز تجعل المدة الزمنية غير متوقعة وربما تصل إلى ساعات عديدة.
ومع تسارع عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس الشريف، تتسارع عمليات المقاومة الفلسطينية على الحواجز الالتفافية المحيطة بالمستوطنات، ويستمر الشعب الفلسطيني في النضال حتى نيل حقوقه كاملة، ويثبت وجوده على الأرض، ويسقط الاحتلال صريعاً تحت ضرباته راحلاً عن وطنه وقدسه.