تقاريرسلايد

“مخيم عايدة” ميدان مواجهة للاحتلال وبطولة شعب لا تنحني إرادته

الضفة الغربية – خدمة حرية نيوز
تولد البطولة الفلسطينية مع كل صباح تشرق فيه الشمس، ولا تغيب الشجاعة عن الأرض المحتلة مع الغروب، بل يواصل المناضلون ساعات الليل بالنهار باحثين عن الحرية وأمل الانعتاق من الاحتلال، مستخدمين كافة وسائلهم التي امتلكوها، فالحجارة كانت أول السلاح الذي صنع ثورةً في عام 1987، وتفجير الباصات كان فخراً لمقاومة فلسطينية حين اختار المناضل أن يكون استشهادياً فداءً للوطن المحتل.

وما زال الاحتلال حتى في عشرينيات القرن الواحد والعشرين يمارس حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري ضد المواطنين الفلسطينيين، فلم تكن حرب عام 1948 آخر الحروب التي أجبر الفلسطيني فيها على الهجرة من موطنه، غير أنَّ المواطن في هذا الزمان يرفض سياسة التهجير ويختار الشهادة طوعاً على الخروج من وطنه إلى الشتات واللجوء، حتى إن استخدم المحتل أقسى آلاته العسكرية.

مخيم على طريق القدس
كانت مدينة القدس وما زالت رمزاً للهوية الفلسطينية التي لا تتبدل بتغير الأزمان، ولا يطرأ عليها التحريف بتغير الأجيال، بل يبقى الحق واحداً موحداً لا يقبل القسمة على اثنين، هناك على الناحية الغربية للطريق الرئيس بين القدس والخليل، في المنطقة الواقعة بين بيت لحم وبيت جالا أقام اللاجئون الفلسطينيون مخيمهم عام 1958 بعد أن طردهم الاحتلال قسراً من أراضيهم وقراهم المدمرة مثل الولجة، وخربة العمر، وقبو، وعجور، وعلار، ودير أبان، وماليحا، وراس أبو عمار، وبيت نتيف.

يتقاسم سكان مخيم عايدة الصبر على البلاء في تعداد سكاني بلغ في منتصف العام 2023 نحو 3179 لاجئ.وذلك حسب تقديرات “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” كل هؤلاء السكان يعيشون على مساحة 115 دونماً، ويعاني سكان المخيم من ضيق الطرقات وسوء الخدمات الصحية، واكتظاظ المدارس، وقلة الفرص الوظيفية، وبطالة العمال، غير أنَّ تلك المعاناة لم تكسر من إرادة أبناء المخيم بل صنعت منهم أبطالاً في معركة المواجهة مع الاحتلال وقدمت الفصائل الفلسطينية نماذج شهادة وأسرى على طريق تحرير الأرض والإنسان.

ثلاثية شهداء القسام
كسائر المخيمات الفلسطينية قدم مخيم عايدة العديد من الشهداء على مدار ثورة الشعب الفلسطيني منذ احتلال الأرض عام 1948 وحتى يومنا هذا، ومن هؤلاء الشهداء موفق عبد الرزاق بداونة القائد العسكري في كتائب الشهيد عز الدين القسام المولود في مخيم عايدة عام 1963 والذي استشهد في انتفاضة الأقصى في العام 2003.

في ليلة شديدة المطر عام 2023 قام الشهيد موفق 40 عاماً بنقل المطاردين القساميين نادر الجواريش 34 عاماً والقسامي علاء الدين محمد عياد 25 عاماً لأداء مهمة نضالية، وأثناء الانتقال تعرضت مركبتهم لاطلاق نار كثيف من قبل قوات خاصة إسرائيلية مما أدى إلى ارتقائهم شهداء.

هم ثلاثة شهداء من كتائب القسام، أصبحوا رموزاً للنضال الفلسطيني في مخيم عايدة للاجئين، هي أرض تنبت الثوار كما تنبت الثمار، غير أنَّ الثمار إن أكلت أفلت، بينما الثوار إن ارتقوا شهداء تركوا الراية لمن يحملها بحقها بعدهم.

فتى من هذا المخيم
يتجاوز المحتل كل الأعراف القانونية، ولا يؤمن بشرائع سماوية أو أرضية، فارتكاب الجريمة ضد الأبرياء هو ما يقوم به منذ أن وجد، وإلى أن تتحرر فلسطين سيبقى مرتكباً الفظائع، ففي العاشر من نوفمبر/ تشرين ثاني من عام 2023 اقتحم جيش الاحتلال مخيم عايدة من جهاته المتعددة وشرع بإطلاق النار على المتظاهرين.

أصاب الاحتلال فتىً في السابعة عشرة من عمره برصاصة اخترقت صدره، ثم منعت قوات الاحتلال اقتراب سيارة الاسعاف من انقاذ حياة محمد علي عزية، حتى فارق الحياة شاهداً على جريمة المحتل ملهماً الشعب الفلسطيني باستمرار الثورة حتى يتوقف نزيف الأطفال الذي يقتلهم جنود الاحتلال في كل مواجهة مباشرة مع المدنيين الفلسطينيين.

ويستمر مخيم عايدة في النضال الفلسطيني مقدماً الشهداء والأسرى والتضحيات وتعاظمت جذوة النضال في المخيم عقب العبور الكبير في السابع من أكتوبر/ تشرين أول عام 2023 عندما اجتاحت كتائب القسام الأرض المحتلة في غلاف غزة ملهمةً الشعب الفلسطيني الرغبة في التحرر والعودة مبينةً أنَّ هذا الجيش الذي لا يقهر أصبح بالإمكان إذلاله إذا توفرت النية لذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى