تقاريرسلايد

إرهاب المستوطنين في الضفة.. تصاعد في ظل غياب رد الفعل الدفاعي الحقيقي

الضفة الغربية – خدمة حرية نيوز

باتت عشرات المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، عرضة بشكل ممنهج لإرهاب المستوطنين بإيعاز من حكومة الاحتلال في ظل ضعف وأحيانًا انعدام أية آليات دفاعية.

ولعلّ الاعتداءات التي شهدتها مناطق متفرقة بالضفة من هجمات مكثفة للمستوطنين على الفلسطينيين وبيوتهم وعرباتهم، تشير إلى تزايد هذا الخطر، وضرورة وجود آليات دفاع ضد هذه الاعتداءات الهمجية والمخططات مِن ورائها.

وصار مشهد اعتداءات وعربدة وإرهاب المستوطنين تجاه التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية مشهدًا يوميًا حاضرًا في حياة الشارع الفلسطيني في معظم مدن وقرى الضفة الغربية.

غياب الفعل الدفاعي الحقيقي

ولقد ازداد هذا التغوّل مع عدم وجود فعل دفاعي حقيقي من السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الأمنية، عن أبناء شعبها بشكل يردع المستوطنين الذين تحولوا إلى مجموعات منظمة، وليس مجرد أعمال فردية، وهو الأمر الذي يذكّر بالتنظيمات الصهيونية الإرهابية التي ارتكبت المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني قبيل وخلال عام 1948.

لقد بات المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية مشاعًا أمام إرهاب المستوطنين، في ظلّ إضعاف كل أدواته الدفاعية، وفي ظل غياب أي دور حقيقي للسلطة الفلسطينية بصفتها الجهة المسؤولة عن حماية الفلسطينيين والمؤسّسة الأكثر تنظيمًا في مواجهة هذا الإرهاب.

وباتت السلطة الفلسطينية متّهمة بأنّها ساهمت في إضعاف قدرات المجتمع في الدفاع عن نفسه، وفي ذات الوقت لم تقم بتفعيل أجهزتها الأمنية في الدفاع.

وفي هذا السياق، فإن السلطة من خلال عدة سبل قامت بالعمل على إضعاف ومنع انتشار خلايا المقاومة في الضفة، كما عملت على إضعاف ومحاربة حالات مقاومة في جنين ونابلس وطولكرم.

وعليه مع وجود نيّات مبيتة لحكومة الاحتلال ومستوطنيه، وفي ظل ضعف الحالة الدفاعية، كان من الطبيعي أن تزداد هجمات وإرهاب المستوطنين.

تصاعد أعداد المستوطنين

وبحسب إحصاءات حديثة فإن عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، ارتفع بنسبة 3% في عام 2023.

ووفقًا لتقارير إحصائية منها تقرير دائرة الإحصاء الفلسطيني، فإن أعداد المستوطنين في الضفة الغربية، تتراوح بين 700 و800 ألف مستوطن، وأغلبيتهم من التيار التوراتي المتشدد الذي يفرخ باستمرار مجموعات عنيفة تقود إرهاب المستوطنين في الضفة الغربيّة أبرزها فتيان التلال التي تضم عشرات آلاف المسلحين..

وهناك جزء كبير من هذا التيار يعتبر أن الضفة الغربية هي جزء من أرض إسرائيل، كما أن هذا التيار ساخط على عدم تبني الجيش الإسرائيلي، هذا الخيار بشكل كامل، وبالتالي فإن هذا التيار يعمل مع جيش الاحتلال في أماكن تقاطع الأهداف.

إن الأمر الذي شكل مزيدًا من الخطورة على هذه الحالة، أن عددًا كبيرًا من أفراد الجيش في الضفة الغربية هم من خريجي المدارس الدينية، وبالتالي بات هناك نوع من التوليفة بين الجيش والمستوطنين.

ومع وجود أشخاص مثل إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش في الحكومة المتطرفة للاحتلال، وزيادة وزن كتلتهم الانتخابية في الكنيست، فقد تم تسليح المستوطنين واستخدامهم كأداة ردع وطرد وترهيب للمدن والقرى الفلسطينية، وباتت هذه المجموعات مدعومة رسميًا من حكومة الاحتلال، وتترافق مع عمليات الجيش الإسرائيلي؛ أي أنها باتت جزءًا من الخطط الميدانية للجيش الإسرائيلي.

قبل وبعد الطوفان

بدأ إرهاب المستوطنين بشكل بارز قبيل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد ظهر ذلك جليًا في هجماتهم على حوارة وترمسعيا في 2023.

ومع دعم الحكومة والأحزاب السياسية الإسرائيلية لإرهاب المستوطنين، ووجود غطاء ديني لهم مع فتاوى من الحاخامات تحثّ المستوطنين على الإرهاب والاستيلاء على الأراضي وطرد السكان وحتى قتل الأطفال، فإنه لا توجد أية متابعة قانونية لأعمال المستوطنين، ولا لوائح اتهامات ولا لجان تحقيق.

وبالطبع في ظل التوجه الانتقامي لحكومة الاحتلال بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول وتوزيع السلاح على المستوطنين في الضفة الغربية، فقد كان متوقعًا أن تتوسع رقعة عربدة المستوطنين.

وشهد عام 2023 أكثر من 340 نشاطًا استيطانيًا من توسيع البؤر الاستيطانية، أو الاستيلاء على أراضٍ جديدة في الضفة والقدس.

كما شهد ذات العام أكثر من 2500 اعتداء من المستوطنين على الأهالي، وقد زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

وقد تم تهجير أكثر من 1800 فلسطيني من 19 تجمعًا سكنيًا كنتيجة مباشرة لاعتداءات المستوطنين، هذا بحسب تقارير أممية.

وهناك ⁠أكثر من 11 شهيدًا على يد المستوطنين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول في الضفة الغربية.

استراتيجية دفاعية

إنّ تفكيك البنى المقاوِمة في الضفة، وعجز السلطة عن حماية المجتمع الذي هي مسؤولة عنه، جعلا المستوطنين يرتعون بدون حسيب.

وعليه فإن هذا الواقع غير مقبول، وإذا استمر بهذه الوتيرة، فإن تجرؤ المستوطنين سيزداد، وعليه فإن كل أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته وقواه الحية مدعوّون إلى إيجاد آليات للدفاع عن المجتمع الفلسطيني في الضفة، ومنع المستوطنين من الاستفراد بأية قرية أو بلدة،

كما أن سياسة تدفيع المستوطنين الثمن عن إرهابهم والتي سادت لفترة ما في الضفة قد أدَّت إلى ردع نسبي لهم.

إن لجان الحماية الشعبية لأهالي كل بلدة وقرية يمكن أن تكون نواة مهمة في الدفاع عن القرى والبلدات أمام هذا الإرهاب المتصاعد.

ومع تزايد تسليح المستوطنين وتوسع تنظيماتهم الإرهابية، فإن الدفاع عن القرى والبلدات الفلسطينية وتزويدها بكل إمكانات الدفاع بات ذلك ضرورة ملحة، وعلى كل الأجسام الفلسطينية أن تتولى مسؤولياتها أمام هذا الخطر الداهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى